أهمية الحوار في حياتنا كبيرة جداً، فمن جهة نحتاج أن نعرف أدب الحوار؛ لأن الدعوة إلى الله عز وجل تحتاج إلى الحوار، والله عز وجل قال: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } النحل:125] وهذا أمرٌ بالحوار في الدعوة.
ثانياً: للوصول إلى الحق نحتاج إلى الحوار ، وهدفٌ عظيم أن يصل المسلم إلى الحق.
ثالثاً: للرد على أهل الباطل، وهذا يتم بالحوار لإقناعهم أو دفع باطلهم ، وهو فرعٌ من الدعوة التي تقدم الحديث عنها.
ولذلك جاءت الحوارات في القرآن الكريم متنوعة متعددة فمن ذلك:
1-الحوار الذي دار بينه عز وجل وملائكته الكرام: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [البقرة:30-33]
2- حوارات بين الأنبياء وأقوامهم، وهذه أمثلتها كثيرة جداً منها:
أ- قوله تعالى عن نوح عليه السلام: { قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ } [نوح:5-7] .
ب - إبراهيم الخليل عليه السلام كان ممن اشتهر بالحوار، وقوة الحجة، وظهور البرهان، والقدرة على الإفحام، كما قال الله تعالى: { وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ } [الأنعام:83] فحاور الملك الكافر { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ } [البقرة:258] ثم صار جدالاً عقيماً: { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ } [البقرة:258] فقطع عليه الخط وألزمه بهذه الحجة الباهرة، وكذلك لما حاج قومه: { وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } [الأنبياء:51-53] هذه هي الحجة، قال: ما هذه التماثيل؟ قالوا: وجدنا آباءنا إلخ { قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } [الأنبياء:54-56] ولما كسر الأصنام استدعي للتحقيق: { قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ } [الأنبياء:62-64] الآيات.
ج- وموسى عليه السلام كان له حوارات مع فرعون، ومؤمن آل فرعون كان له حوار جميل جداً ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة المؤمن.
* المرجع : سلسلة الآداب الإسلامية لمحمد صالح المنجد.