فلسطين مكسدخول

من سورة آل عمران - الاعتصام

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
+4
مارادونا فلسطين
ديانا فلسطين
سيرين عبد القادر
أنس كريم
8 مشترك

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyمن سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
قراءات قرآنية - الدرس : 05 - من سورة آل عمران - الاعتصام .

محمد راتب النابلسي

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

سرّ الرقي عند الله وسرّ دخول الجنة أن ينفق الإنسان مما يحب :
أيها الأخوة ؛ في الآيات التي قرئت البارحة ، بعض الآيات ذات أهمية كبيرة جداً ، فالله سبحانه وتعالى يقول :

﴿لَنْ﴾

قبل أن نتابع الآية ؛ لن : تفيد تأبيد النفي ، لم : تفيد نفي الماضي ، ولما : تفيد نفي الحاضر ، ولن : تفيد نفي المستقبل ، أو تأبيد النفي . قال تعالى :

﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾

[سورة آل عمران: 92]

أي من السذاجة ، والغباء ، والجهل الفاضح أن تتصور أن جنة عرضها السموات والأرض ، تنالها بثمن بخس :

﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾

[سورة آل عمران: 92]

فإذا كان المال مما تحبه ، فلن تنال البر حتى تنفق المال ، وقتك ضيق جداً ، لن تنال البر حتى تنفق من وقتك وقتاً لمعرفة الله ، ووقتاً لطلب العلم ، ووقتاً لخدمة الخلق ، ووقتاً للدعوة إلى الله ، وإذا كانت مكانتك عالية جداً ، ورأيت مظلوماً ، وبإمكانك أن تنصفه ، لن تنال البر حتى تنفق من جاهك الذي متعك الله به .
فهذه الآية تبين أن سرّ الرقي عند الله عز وجل ، وسرّ دخول الجنة أن تنفق مما تحب ، الشيء الذي تحبه ينبغي أن تنفقه في سبيل الله ، كي ترقى ، والتكليف سمي تكليفاً لأنه ذو كلفة ، والتكليف يتناقض مع الطبع ، ويتوافق مع الفطرة ، يتناقض مع الطبع ، الطبع أقرب إلى المادة ، الطبع يتجه نحو النوم ، والتكليف نحو الاستيقاظ ، الطبع نحو أخذ المال ، والتكليف نحو إنفاق المال ، الطبع إطلاق البصر ، والتكليف غض البصر :

﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾

[سورة آل عمران: 92]

إذا لم توطن نفسك أن تضبط الشهوات ، وأن تضبط الميول ، وأن تفعل ما يرضي الله ، ولو خالفت هواك ، فلن تصل إلى شيء ، لن تنالوا البر من الله - العطاء - أي مطلق العطاء ، البر الجنة ، توفيق الله في الدنيا ، الاتصال بالله :

﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾

[سورة آل عمران: 92]

هذه حقيقة ، حقيقة على شكل قانون ، لن : تفيد تأبيد النفي .



الله عز وجل يحبّ المؤمنين متعاونين و متفاهمين :
الحقيقة الثانية : أن أعداء الدين منذ أن ولد الإنسان حتى نهاية الدوران ، لهم سياسة ثابتة ، وهي إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين ، ففي عهد النبي عليه الصلاة والسلام اليهود في المدينة ، حينما رأوا الأوس والخزرج قد توافقوا ، وتحاببوا ، وائتلفوا ، وتناسوا ما بينهم من عداوات سابقة ، وأصبحوا أخوة كراماً ، اعتصموا بحبل الله جميعاً ، هذا الوئام والوفاق آلمهم أشدّ الألم ، فأرسلوا أحد غلمانهم ، ليذكر الأوس بقصيدة قالها بعض الخزرج في ذمهم في الجاهلية ، هذه القصيدة تليت عليهم ، أخذت بعضهم الحمية ، وكانوا حديثي عهد بالإسلام ، فتلاسن القوم ، تماسك القوم ، سلوا سيوفهم ، كادت تقع فتنة بين الأوس والخزرج ، بسبب هذه القصيدة التي ألقيت على مسامعهم ، بدافع من أحد يهود المدينة ، فقام النبي عليه الصلاة والسلام وقال :

((أتفعلون هذا وأنا بين أظهركم؟))

وعنفهم أشدّ التعنيف ، لكن آيات كريمة نزلت في هذه الحادثة :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾

[سورة آل عمران:100]

دقة الآية أن الله وصف العداوة بين المؤمنين كفراً :

﴿يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾

[سورة آل عمران:100]

مرة ثانية :

﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾

﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ﴾

أي كيف تختصمون ؟ فالإنسان قبل أن يخاصم مؤمناً ، قبل أن يفرق المؤمنين ، قبل أن يجعل المؤمنين شيعاً وأحزاباً ، قبل أن ينتمي إلى مجموعة صغيرة ، ويكفر البقية ، قبل أن ينتقص من قيمة المؤمنين الآخرين ، قبل أن يطعن بإيمان المؤمنين ، قبل أن يفرق جماعة المؤمنين ، قبل أن يفعل هذا ، ليقرأ هذه الآية :

﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة آل عمران:101]

الله جل جلاله لا يرضيه إلا أن نكون متحدين ، متعاونين ، متفاهمين .

(( وَجَبَتْ محبَّتي للمُتَحَابِّينَ فيَّ ، والمُتجالِسينَ فيَّ ، والمُتزاورينَ فيَّ ، والمتباذلينَ فيَّ ، المتحابُّون في جلالي لهم منابرُ من نُور ، يغبِطهم النبيُّون والشهداءُ ))

[الترمذي ومالك عن معاذ بن جبل]

أي أنت كن أداة توفيق ، أداة جمع ، عليك أن تلم الشمل ، أن ترأب الصدع ، أن تقرب وجهات النظر ، أن تزيل هذا الجفاء بين المؤمنين ، أما إذا عمقت الخلاف ، وآثرت العداوة والبغضاء ، فأنت تفعل شيئاً سماه الله في القرآن الكريم كفراً :

﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾

[سورة آل عمران:101]

التمسك بالأصول و البحث عن القواسم المشتركة دائماً :
إلا أن هذا اللقاء ؛ لقاء المؤمنين ، تعاون المؤمنين ، يحتاج إلى سبب ، أما بلا سبب فليس له معنى . قال تعالى :

﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً﴾

[سورة آل عمران:103]

القرآن واحد ، الدين واحد ، النبي واحد ، السنة واحدة ، الأهداف واحدة ، الوسائل واحدة ، ما دام هناك شيء يوحد بيننا ، هذا الذي ينبغي أن نتمسك به ، لذلك ينبغي أن نبحث عن القواسم المشتركة دائماً لا على الخلافيات .
أي أنت بإمكانك أن تدعو إلى الله خمسين عاماً ، وأنت في المتفق عليه لا في المختلف عليه ، أليس في هذا الدين جذع واحد جامع ؟ ابق في هذا الجذع الواحد الجامع الموحد ، هذا هو القاسم المشترك ، وإياك أن تصل إلى الخلافيات ، كما قال الشافعي : " نتعاون فيما اتفقنا ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا ".
أن تختلف وجهات النظر ، هذا شيء مقبول ، وشيء طبيعي ، وشيء صحي في الأمور الفرعية ، أما الأصول فهي واحدة :

﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾

[سورة آل عمران:103]

الدعوة إلى الله ينبغي أن تكون على علم :
الآن : هناك أمر قطعي الدلالة . يقول الله عز وجل :

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾

[سورة آل عمران:104]

اللام : لام الأمر ، أما من فتفيد التبعيض ، أي الإنسان إذا دعا إلى الله ، ينبغي أن يدعو على علم ، لأن العوام - كما قال الغزالي - لأن ترتكب الكبائر ، أهون عند الله من أن تقول على الله ما لا تعلم .
الدعوة إلى الله من غير علم خطيرة جداً ، لأن الدعوة إلى الله بناء للنفوس ، فإذا بنيت النفوس بناء غير صحيح ، شوهت النفوس ، فلذلك : الدعوة إلى الله ينبغي أن تكون على علم ، إذا الإنسان لا يحسن الدعوة إلى الله ، ليتقن عمله الذي أقامه الله به ، وليخلص أداء هذا العمل ، وليقصد به خدمة المسلمين ، وليدع الدعوة إلى الله لأهلها ، لأن هنا من للتبعيض ، لم يقل : وادع إلى الله جميعاً . قال :

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾

[سورة آل عمران:104]

قانون الخوف :
النقطة الدقيقة جداً : قانون الخوف ، الخوف شيء مدمر ، الإنسان عندما يخاف من شيء مدمر ، هذا الخوف هو الذي يدمر سعادة الإنسان ، أي قد يكون إنسان ينعم بأعلى درجة من المال ، والغنى ، والجاه ، لكن في قلبه خوفاً ، هذا الخوف يفسد عليه سعادته ، انتهى، أنت من خوف الفقر في فقر ، وأنت من خوف المرض في مرض ، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها ، إذا أردت القانون ، قانون الخوف في القرآن الكريم ، اسمع الآية :

﴿سَنُلْقِي﴾

الخوف : شيء يخلقه الله ، يخلق :

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾

السبب ، القانون :



﴿بِمَا أَشْرَكُوا﴾

[سورة آل عمران:151]

الباء : باء السببية ، أي كل إنسان أشرك بالله ، عقاب له على شركه يلقي الله في قلبه الخوف :

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً﴾

فالإنسان يطمئن بقدر توحيده ، ويخاف بقدر شركه ، يطمئن إذا وحد . الله عز وجل قال :

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾

[سورة الشعراء:213]

أنت مطمئن بقدر توحيدك ، وأنت خائف بقدر شركك ، قانون .
والحقيقة أدق الآيات في كتاب الله هي الآيات التي تأخذ شكل القانون .



قانون الانفضاض و الالتفاف :
هناك قانون ثالث ؛ الباء أحياناً لها أكثر من عشرة معان ، من أبرز معانيها : السببية ، أي بتأخرك عن الدوام ، خصمت لك هذا الراتب ، أي سبب خصمي هذا الراتب تأخرك عن هذا الدوام :

﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ﴾

[سورة النساء:160]

الباء : باء السبب . الله عز وجل يقول :

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾

لينك ، ولطفك ، ومودتك ، وتبشيرك لا تنفيرك ، التيسير لا التعسير ، التواضع ، كل صفات النبي الكاملة ترِد في هذه الآية ، إلى رحمة استقرت في قلب النبي :

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾

إذاً بعد أن لنت لهم ، أقبلوا عليك ، وهفت قلوبهم إليك ، وأحبوك ، واجتمعوا حولك ، ونفذوا أمرك، وفدوك بمهجهم ، لأنك لنت لهم ، لأن في قلبك رحمة استقرت في قلبك ، العكس :

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً ﴾

لو أن هذه الرحمة انعدمت في قلبك ، لكنت فظاً غليظ القلب ، وحينما تكون فظاً غليظ القلب ، ينفض الناس من حولك ، قانون ثان ، اتصال بالله ، رحمة ، لين ، اجتماع القلوب حولك ، انقطاع عن الله ، قسوة ، فظاظة ، نفور الناس منك ، فإذا أردت أن تهفو القلوب إليك فاتصل بالله ، كي تستقر الرحمة في قلبك ، كي تكون ليناً ، عندئذ يجتمع الناس حولك :

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾

[سورة آل عمران:159]

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyرد: من سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
بارك الله فيك على الموضوع الرائع

وثبت قلبك على دينه

ونفس عنك كل مكروب

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyرد: من سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
جزاك الله خيـر

بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعا الله وإياك بما تقدمه

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyرد: من سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
جزاك الله كل خير و جعله في ميزان حسناتك

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyرد: من سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين
ويحشرك بجوار النبى الامين

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyرد: من سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
جزاك الله كل خير

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyرد: من سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته

descriptionمن سورة آل عمران - الاعتصام Emptyرد: من سورة آل عمران - الاعتصام

more_horiz
جزاك الله خيـر

بارك الله في جهودك
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد