فلسطين مكسدخول

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
قراءات قرآنية - الدرس : 12 - من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟.

محمد راتب النابلسي

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

الفكر عطاء حيادي يرقى بالإنسان أو يهوي به :
أيها الأخوة الكرام ، ورد في القرآن الكريم :

﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾

[سورة المدثر:18]

﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾

[سورة المدثر:19]

﴿ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾

[سورة المدثر:20]

وورد أيضاً :

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾

[سورة آل عمران:190]

﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ﴾

[سورة آل عمران:191]

فكر وتفكر ، فالعقل البشري هذا الذي يعد أثمن شيء يملكه الإنسان على الإطلاق، الإنسان مكرم بالعقل ، مكرم بهذه القوة الإدراكية ، الفرق الوحيد ، الجماد شيء له حيز ، أي له أبعاد ثلاثة ؛ له طول ، وعرض ، وارتفاع ، وله وزن ، النبات شيء له حيز ، لكنه ينمو ، الحيوان شيء له حيز ، وينمو ، لكنه يتحرك ، أما الإنسان فشيء له حيز ، وينمو ، ويتحرك ، ويفكر ، فالفرق الوحيد بين الإنسان وبقية المخلوقات هو التفكر ، إلا أن القرآن استعمل كلمة تفكير :

﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾

[سورة المدثر:18]

واستعمل كلمة تفكر ، تقريباً للتوضيح : تصور آلة طابعة ، آلة ناسخة ملونة ، غالية جداً ، إذا استخدمتها بالعمل التجاري الشريف ، يمكن أن تربح منها آلاف الآلاف ، أما إذا استخدمتها بتزوير العملة ، فيضعونك في السجن ، نفس الآلة ، فالفكر نفسه ، الإنسان إذا أراد الهدى ، وفكر بملكوت السموات والأرض ، وصل إلى الله ، وإذا أراد الشهوة ، واستخدم فكره من أجل تحقيق شهواته ، هذا الفكر يصل به إلى النار ، هذا الفكر عطاء حيادي ؛ إما أنه يرقى بنا، أو أنه يهبط بنا .
المجرمون أذكياء أحياناً ، يستخدمون أساليب لا تخطر على بال ، والمؤمن أيضاً يستخدم هذا الفكر بطريقة عجيبة ، بحيث يصل إلى الله عز وجل ، فجهاز واحد يمكن أن يكون سبب سعادتك إلى أبد الآبدين ، ويمكن أن يكون سبب الشقاء إلى أبد الآبدين ، والفكر واحد .
ورد بالأثر : أن الله لما خلق العقل ، قال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر، قال : وعزتي وجلالي ، ما خلقت خلقاً أحب إليّ منك ، بك أعطي وبك آخذ .
سيدنا إبراهيم : الله عز وجل في نهاية قصته قال :

﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾

[سورة الأنعام:90]

أي هذا هو السبيل إلى الله أن تستخدم هذا الفكر في معرفة الله عن طريق الكون .



التفكير أعلى أنواع العبادة على الإطلاق :
الله عز وجل قال :

﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾

[سورة الأنعام:75]

الطريق :

﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ﴾

[سورة الأنعام:76]

﴿فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ﴾

[سورة الأنعام:77]

﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾

[سورة الأنعام:78]

عملية تفكير ، الإنسان يمكن يفكر الشيء وأصله ، الشيء وخلاف ما هو عليه ، الشيء وعدمه :

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ﴾

[سورة القصص:71]

به . تصور الليل بخلاف ما هو عليه أبدي ، والنهار أبدي :

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾

[سورة الملك:30]

الله جل جلاله ، ممكن أن تستنبط أنت من كتاب الله عز وجل مبادئ التفكير ، ممكن أن تعمل التفكير عبادة يومية ، لأن التفكير أعلى أنواع العبادة على الإطلاق .
تفكر ساعة خير من أن تعبد الله ستين عاماً ، فهنا في هذه الآية الله عز وجل يرسم لنا الطريق ، تفكر في خلق السموات والأرض ، هذا الكون خلق من أجل أن تتفكر به ، وأن يصل بك إلى الله ، أما التفكير بدافع الشهوة :

﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴾

[سورة المدثر:18-29]

إلى آخره . إذاً : الفكر إما أن يقودنا إلى الله ، أو إلى جهنم ، أبداً هو نفسه .



من أخطر التصرفات استخدام هذا الفكر العظيم لغير ما خُلق له :
الإنسان إذا أراد الهدى ، يجد أن معه أكبر جهاز على الإطلاق يصله إلى الله ، وإذا أراد الشهوة فهذا الجهاز يعينه على بلوغ شهوته ، فصار الفكر سلماً إلى الله ، أو دركات إلى النار .
سيدنا إبراهيم استخدم فكره في معرفة الله عز وجل . فالإنسان عليه ألا يمر على الآيات التي حوله مرور الجهلة ، كلمة مرور الكرام غير صحيحة ، مرور الجهلة ؛ تأكل ، وتشرب ، وابنك أمامك ، كان من نقطة ماء .
اللقاء الزوجي فيه خمسمئة مليون حوين ، واحد يلقح البويضة ، الحوين والبويضة عليهما مورثات ، معلومات ، هذه المعلومات عددها خمسة آلاف معلومة مبرمجة ، شكلت الإنسان ، علم الجنين وحده إذا الإنسان قرأه ، بنية أن يهتدي أو يخشع قلبه ، علم الجنين وحده إذا قرئ هذا العلم بنية أن يصل من خلاله إلى الله ، يرى العجب العجاب ، أما الإنسان إذا أراد الشهوة ، والشهرة ، والمال العريض ، والجاه ، فيكون درس علم الجنين لا فائدة منه ، لم يصل من خلاله إلى الله ، آلة التصوير بلا فيلم ، مهما كانت غالية ، لكن لا يوجد فيلم ، الفيلم هو الرغبة بالهدى ، إذا كان هناك رغبة بالهدى ، أقل آية تدلك على الله ، إذا لم يكن هناك رغبة بالهدى ، أكبر آية لا تنتبه إليها :

﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾

[سورة يوسف:105]

فالقضية قضية قرار داخلي تتخذه أنت ، إذا اتخذت قراراً بالهدى ، أردت الحقيقة ، الآن فكرك أكبر مسرِّع ، أكبر منشط ، أكبر معين ، أكبر أداة ، أكبر وسيلة ، إذا الإنسان أراد الشهوة ، أيضاً فكره يسرعه نحو الشهوات ، ونحو الانغماس في الموبقات ، وقد يصل به فكره إلى النار ، فالعجيب أن الإنسان مخير ، وكل الحظوظ حيادية .
الآن : السكين في البيت ، يمكن أن يستخدمها خمس سنوات في تقطيع الخضار ، والفواكه ، وتقديم وجبات الطعام ، ويمكن أن يذبح بها إنساناً ، كأس الماء تشرب فيه ماء ، وليمون ، وشراب ، وتوت ، ويشرب فيه خمر ، الكأس نفسه ، فالأمور كلها حيادية ، يمكن أن توظف في الحق أو في الباطل ، والفكر حيادي :

﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾

[سورة المدثر:18]

قال تعالى :

﴿ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾

[سورة المدثر:20]

﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾

[سورة المدثر:25]

قال تعالى :

﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾

[سورة المدثر:26]

فكره أوصله إلى سقر ، والذي فكر بالكون ، كما فعل سيدنا إبراهيم فكره أوصله إلى الله ، لذلك من أخطر التصرفات أن تستخدم هذا الفكر العظيم لغير ما خُلق لك ، لغير ما خلق له :

﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾

[سورة الأنعام:78]

﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾

[سورة الأنعام:79]

الحنيف المائل .



العبادة طاعة مع المحبة :
أيها الأخوة ؛ القاعدة أن العبادة طاعة ، لكنها طاعة مع محبة ، الغ المحبة ، لا يوجد عبادة ، أي إنسان قوي ، بحكم قوته يلزمك أن تطيعه ، هل نسمي هذه الطاعة عبادة ؟ لا، أبداً ، يمكن أن تطيع قوياً وأنت مقهور ، وأنت لا تحبه ، وتتمنى موته ، هل نسمي هذه عبادة؟ لا ، العبادة طاعة مع المحبة . قال :

﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾

[سورة الأنعام:79]

﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً﴾

[سورة الأنعام:80]

الآن أيها الأخوة إذا إنسان مثلاً نام بالبرية ، بخيمة ، والبرية فيها أفاع ، يسأل مؤمن : تخاف من أفعى ؟ يقول : لا أخاف ، إذا أراد الله أخاف منها ، إذا سمح الله لها أن تلدغني أخاف منها طبعاً ، إذا الله لم يرد لا أخاف منها ، هذا كلام دقيق جداً : أي إنسان مخيف ، أي شبح مصيبة ، مرض ، فيروس ، أخاف ولا أخاف :

﴿وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً﴾

[سورة الأنعام:80]

الشيء المخيف ؛ وحش ، حيوان ، مرض ، فيروس ، إنسان قوي ، شرير ، أخاف إذا سمح الله له أن يصل لي ، ولا أخاف إذا الله عز وجل حفظني منه . مثل ما قال سيدنا هود:

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾

[سورة هود:55]

﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾

[سورة هود:56]

ملخص الملخص : وحوش كاسرة ، مخيفة ، مفترسة ، طبعاً جاهلة ، لا يوجد عندها قيم ، تحتاج إلى ذوق ، لا يقول لك : تحتاج إلى ذوق ، يريد أن يأكل الوحش ، لا يهمه ماذا تحتاج .
لا يعرف الوحش الذوق ، لكن هذه الوحوش مربوطة بأزمة محكمة ، بيد شخص قوي ، وحكيم ، وعادل ، فأنت علاقتك ليس مع الوحوش ، مع الذي بيده أزمة الوحوش ، فإذا رخى الزمام أخاف ، أما إذا شدّ الزمام فأرتاح ، فعلاقتك ليس مع الوحش ، مع الذي بيده هذا الحيوان المخيف :

﴿وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾

[سورة الأنعام:80]

قضاء الله و قدره لا يمنعه أحد إذا وقع :
أما التعليق الأخير :

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ﴾

[سورة الأنعام:81]

أنا معقول أخاف من صنم !؟ لما سأل والي البصرة الإمام الحسن البصري الجليل ، لما جاءه توجيه من يزيد - التوجيه قد يكون مخالفاً للشرع - فقال له الحسن البصري : إن الله يمنعك من يزيد ، ولكن يزيد لا يمنعك من الله .
لما ربنا عز وجل يحفظ ، لا يوجد إنسان يستطيع أن يتجاوز حفظ الله عز وجل ، أما إذا الإنسان أعطاك ، طمأنك ، والله ما كان راضياً ، لا يمنعك هذا الإنسان من قضاء الله وقدره.



نعمة الأمن لا تعدلها نعمة على الإطلاق :
الآن : ثم يقول الله عز وجل :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ﴾

[سورة الأنعام:81]

أخواننا الكرام ؛ نعمة الأمن لا تعدلها نعمة على الإطلاق ، الله عز وجل رفعها إلى مستوى الهدى . قال :

﴿سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾

[سورة محمد:5]

إنسان ينام مطمئناً ، ينام مرتاح الضمير ، ينام مستسلماً لقضاء الله وقدره ، ينام وهو واثق أن الله لن يضيعه ، لن يتخلى عنه ، ينام ويعرف لو جاءه الموت ، انتقل إلى جنة عرضها السموات والأرض ، ينام ويعرف أن الموت ستتصل به نعم الدنيا بنعم الآخرة ، هذا شعور لا يقدر بثمن .
الآن عند الناس قلق مخيف من الموت أن الموت نهاية كل شيء ، عند المؤمن بداية كل شيء ، مسافة كبيرة جداً ، تبدأ السعادة العظمى بعد الموت عند المؤمن ، أما الكافر فالموت ينهي في حياته كل شيء . قال :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ﴾

[سورة الأنعام:81]

هي نعمة الأمن ، صلاح البال ، الطمأنينة ، السكينة التي تتنزل على قلب المؤمن:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ﴾

[سورة الأنعام:81]

لنأت بمثل بسيط : لو شخص سافر لحمص بسيارته ، وهو يعلم أن العجلة الاحتياط غير صالحة ، على طول الطريق و هو خائف ، يقول لك : إذا عطبت العجلة بقينا في مكاننا ، حسناً لو إنسان أحياناً عنده العجلة الاحتياط لا يوجد فيها هواء ، لكن ليس عنده علم ، يسافر مرتاحاً ، الاثنان عجلات الاحتياط عندهم ليس فيهم هواء ، لكن عندما علم أنه لا يوجد هواء ، فقدت الأمن ، لما عرفت أنها صالحة ، سرت براحة نفسية .
موضوع الأمن مهم جداً ، هذه نعمة عظمى ، لا يتمتع بها إلا المؤمن ، الله عز وجل يعطي الصحة ، والذكاء ، والمال ، والجمال للكثيرين من خلقه ، لكنه يعطي نعمة السكينة بقدر لأتقيائه المؤمنين . الآية واضحة :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

[سورة الأنعام:81]

قال :

﴿الَّذِينَ آَمَنُوا﴾

[سورة الأنعام:82]

كلام خالق الكون .



الخوف أساسه الشرك :
أخواننا الكرام ؛ هناك آية قرآنية هي قانون . الله عز وجل قال :

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا﴾

[سورة آل عمران:151]

إذا وجدت شخصاً بالأرض كلها مترفاً ومطمئناً ، يكون القرآن ليس كلام الله أبداً ، من لوازم الشرك الخوف ، فتجد البعيد عن الله عز وجل خائفاً ، ولو كان أقوى الناس ، الخوف الله يخلقه فيه ، فتجد عنده تصرفات تنم عن خوف منقطع النظير ، لأنه فقد الأمن :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾

[سورة الأنعام:81-82]

لا يعرف طعم الأمن إلا المستقيم على أمر الله . قال :

﴿لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾

[سورة التوبة:51]

﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾

[سورة الطور:48]

إذا كان هناك جندي غر صغير ، بجيش طويل عريض ، فيه عشرون أو ثلاثون فرقة ، ووالده قائد الجيش ، هل يخيفه أحد بكل الجيش ؟ بكل الضباط ؟ لا ، لأن الله عز وجل إذا منح نعمة الأمن لإنسان ، لا يوجد جهة تخيفه ، وإذا سلب منه نعمة الطمأنينة ، يصبح يخاف من ظله ، يخاف من حشرة ، يخاف إذا صافح مريضاً أن يصاب بشيء .
يدخل الإنسان أحياناً المنحرف بوسواس أمراض نفسية ، سماها العلماء : وساوس متسلطة ، أساسها الخوف ، والخوف أساسه الشرك ؛ فكما أن الله يخلق الأمن في قلب المؤمن ، يخلق الخوف في قلب الكافر :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[سورة الأنعام:81-82]

﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾

[سورة الأنعام:83]

التفكر باب واسع جداً للدخول على الله :
أخواننا الكرام ؛ لكل مؤمن من هذه الآية نصيب ، أي لا يوجد مؤمن ليس معه حجة ، دين ، هذا المؤمن عالم . ما اتخذ الله ولياً جاهلاً ، لو اتخذه لعلمه .
المؤمن عنده شيء ثمين ، طبعاً هو باتجاه الإيمان ؛ لكن معه مبررات ، معه أدلة، معه حجة قوية ، فهذه الصفحة بالأنعام ، من أبرز ما في هذه السورة ، هذا هو الطريق إلى الله؛ التفكر في خلق السموات والأرض ، ثم الاستقامة على أمر الله ، ثم التمتع بنعمة الأمن . والله عز وجل قال :

﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾

[سورة قريش:4]

﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾

[سورة قريش:3]

﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾

[سورة قريش:4]

أي ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً .
ممكن أن تكون هذه الصفحة في الأنعام منهجاً لكل مؤمن ، أنت مؤمن ، بقدر تفكرك في خلق السموات والأرض ، ولا أبالغ إذا قلت - وهناك أدلة كثيرة في الكتب والسنة - إن عبادة التفكر هي أرقى العبادات على الإطلاق ، وأكثرها تقريباً إلى الله عز وجل ، والتفكر ما هو إلا باب واسع جداً للدخول على الله ، وطريق قصير للوصول إليه ، وهذا القرآن ثلثه آيات كونية لماذا؟ من أجل أن نقرأها فقط ، أم من أجل أن نتدبرها ؟
لذلك إذا الإنسان جلس بعد الفجر - الآن التفكر - ممكن أن يجلس عشر دقائق و هو يذكر الله ، وعشر دقائق أدعية ، وعشر تفكر ، فكر بآية واحدة؛ بالشعر ، بالعين ، بكأس الماء ، بابنك ، كيف تكوّن ؟ كيف صار طفلاً ؟ كيف صار كائناً سوياً ؟
فإذا اختار الإنسان كل يوم موضوعاً مثلاً من الآيات الكونية ، وفكر فيه ، يكون قد سلك في هذا الطريق ، كما فعل سيدنا إبراهيم .
سيدنا إبراهيم : الله عز وجل بيّن لنا بالتفصيل ماذا فعل ، رأى النجم :

﴿رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ﴾

[سورة الأنعام:76]

الإله لا يأفل ، إلى أن وصل إلى أن :

﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾

[سورة الأنعام:79]

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyرد: من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
جزاك الله كل خير و جعله في ميزان حسناتك

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyرد: من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
اسأل الله العظيم

أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنات.

وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyرد: من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
جزاك الله خيـر

بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعا الله وإياك بما تقدمه

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyرد: من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
جزاك الله كل خير و جعله في ميزان حسناتك

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyرد: من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
جزاك الله كل خير و جعله في ميزان حسناتك

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyرد: من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
يع ــطيك الع ــآفية
ولآ ع ــدمنآ تميز انآملك الذهبية
دمت ودآم بح ــر عطآئك بمآ يطرح متميزآ
بنتظآر القآدم بشووق
مآآآآآنـــــنـــحرم من جديد آلمتميز
لروح ــك بآقآت من الجوري

descriptionمن سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟ Emptyرد: من سورة المدثر والأنعام - ما هو الاستعمال القرآني لكلمة التفكير؟

more_horiz
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ

بآرَكـَ الله فيكـِ عَ آلمَوضوعْ

آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ

دمْت بـِ طآعَة الله ..}
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد