إن السجائر قانونية، وبالإمكان شراؤها من أية سوبر ماركت ومن أي كشك، بل بالإمكان شراء السجائر كسجائر منفردة وبسعر ضئيل. كما يتم اليوم تسويق سجائر "كاشير" في عيد الفصح. هذا يعني أن هنالك شرعنة للتدخين وفقا لأي منظور ممكن. يدخن الناس سيجارتهم الأولى راغبين فيا لتجربة، أو نتيجة لوقوعهم تحت ضغط اجتماعي لأن "الجميع يفعلون هذا"، وبعد وقت قصير يصبحون مدمنين. إن غالبية المدخنين يعيشون تحت مشاعر وهمية، فهم لا يعرفون أنفسهم باعتبارهم "مدمنين" وهم لا يصدقون أن هنالك مشكلة في الأمر، لكنه من المهم أن نفهم، رغم كون السجائر قانونية، ورغم أن المجتمع لا يحرم التدخين، فإن الإدمان على السجائر هو إدمان على مخدر، كما هو الحال في أي نوع آخر من المخدرات. فالتدخين يتحول في وقت قصير إلى "حاجة". حيث يطلب الجسم وجبة النيكوتين ويصعب عليه العمل من دونها. هذا المخدر لديه تأثيرات عاطفية، نفسية، وجسدية، كما أن هنالك حاجة إلى العمل والإصرار لإلغاء تأثير المخدر على الجسم ومن أجل إنهاء الحاجة الجسدية والعاطفية إلى السيجارة.
ملامح من يتعالج من الإدمان
هنالك طريقتين رئيسيتين للإقلاع عن التدخين: الأولى فردية، والثانية: عبر الحصول على مساعدة ودعم خارجي. إن من يقلع عن التدخين في الحالتين لا يكون راغبا في الإقلاع عن التدخين، ويجتاز سيرورة توصله في نهاية المطاف إلى الإقلاع عن التدخين. الفرق الرئيسي بين الطريقتين هو طول فترة هذه السيرورة.
أن تقلع عن التدخين بقواك الذاتية: إن من يقلعون عن التدخين بقواهم الذاتية يجتازون سيرورة طويلة، حيث تتحدث الأبحاث الجارية حول الموضوع عن سيرورة تستمر في المعدل ما بين 7- 10 أعوام. وهم يفكرون بوقف التدخين، لكنهم في الواقع لا يريدون التوقف. وخلال السنوات يتشكل لديهم اعتقاد واستدخال بأن التدخين هو أمر سلبي ومن المفروض والمرغوب به وقف التدخين. يقوم أولئك بتخمير فكرة الإقلاع عن التدخين ويقومون مع السنوات بمحاولات متكررة لتقليل كمية السجائر، بل ووقف التدخين لفترات متفاوتة من الزمن. ويفهم هؤلاء مع الوقت بأنهم قادرون على التعامل مع الإقلاع وقادرين على تحضير أنفسهم للعيش من دون سجائر. إن الإرادة الحقيقية في التوقف عن التدخين تظهر في مرحلة متأخرة من هذه السيرورة. وهي تظهر في الكثير من الأحيان مترافقة مع ضيق الإنسان بالتدخين.
أن تقلع عن التدخين مع وجود مساعدة: مقابل المجموعة الأولى، هنالك من يقررون الانضمام إلى مجموعة إقلاع عن التدخين. هؤلاء الناس يأتون من مختلف الخلفيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة، رجالا ونساء، بالغين وشبّان، وهم يتوجهون في غالبية الحالات إلى ورشات الإقلاع عن التدخين في أعقاب حصول مشكلة صحية أو استدعاء الحاجة الطبية إلى وقف التدخين، أو بسبب ضغط كبير تتم ممارسته عليهم من طرف أبناء العائلة (بشكل أساسي من قبل الزوجة أو الأحفاد). يتوجهون بناء على فهمهم أن ثمن التدخين مكلف جدا، وهم يعبرون عن خوفهم الحقيقي من آثار التدخين، ومع ذلك، فإن القليل فقط ممن يتوجهون إلى دورات وقف التدخين يأتون وقد قرروا تماما وقفه.
لماذا ننصح بالذات بالإقلاع عن التدخين عبر المشاركة في مجموعة؟
تمتلك المجموعة دورا هاما في عملية الإقلاع، فهي تساهم في تسريع العملية. فإن استغرق الإنسان الذي يقلع عن التدخين بقواه الذاتية في المعدل سبعة سنوات لكي يصل إلى الهدف النهائي من الإقلاع، فإن هذا الهدف يتم بلوغه داخل المجموعة خلال ثمانية لقاءات أسبوعية.كثيرا ما تنشغل المجموعة بالجوانب المختلفة لمسألة الإقلاع عن التدخين. حيث يتم العمل كثيرا على اتخاذ القرار وعلى التخيير البيئي وتغيير طريقة الحياة اللازمين لتحقيق الانقطاع عن التدخين. على مستوى الوعي، يحدث تركيز في تغيير المعتقدات المتعلقة بمغزى السيجارة للمدخن ولقدرة الإنسان على العيش حياة من دون سجائر. واحد من التغييرات الهامة التي يجتازها المدخن بفضل وجوده في مجموعة هو التغيير على مستوى اللاوعي، الذي يتيح له الوصول إلى حالة لا يرغب فيها في إشعال سيجارة.
إن المجموعة بحد ذاتها شديدة الأهمية في عملية الإقلاع. فالمجموعات تتكون في غالبية الحالات من ما بين 10-15 شخصا، يعيشون سويا السيرورة. وبخلاف التعارف والدعم، فإن المجموعة دائما ما تحتوي على إثبات حي أمام وجه كل مشارك، فهنالك أشخاص يقفون في ذات الموقف أثناء العملية نفسها. حيث يتعلم كل طرف من الآخر أنه بالإمكان النجاح وبالإمكان العيش من دون سجائر. هذه العملية تشبه، إلى حد ما، عملية التنويم المغناطيسي الجماعي . حيث يشمل التغيير الذي يجتازه أعضاء المجموعة من ضمن ما يشمله تغيير في التعامل الداخلي المتجذر، على مستوى اللاوعي. وهذا التغيير يتم بفضل تدريبات تصرفات وديناميكيات جماعية.
يترافق مع هذه السيرورة (لمن هو معني بالأمر) علاج الـ "تشامفيكس" وهي حبة دواء تسهل من آثار الإقلاع حيث تلغي تأثير النيكوتين كمخدر. إن السيجارة تؤذي الجسم، إلا أن المخدر الموجود في السيجارة يفاقم من المعاناة ويحول الأذى إلى أذى غير محسوس. هذه السيجارة تمنع إخفاء الإحساس بالتأثير المخدر للنيكوتين وتسبب في الإحساس بالجوانب البدنية السلبية للتدخين. إن دمج حبة تشامفيكس مع وجود المتعالج في مجموعة دعم يوفر نسب النجاح الأعلى.
بعد التعامل مع الموضوع من عدة زوايا أثناء اللقاءات، ينهي المشترك الدورة بعد أن يتخذ قرارا بعدم التدخين، واثقا من نفسه بأنه قادر على الامتناع عن التدخين، وغير راغب في إشعال سيجارة، وقد مر بفترة تجريبية من دونها.
نتائج الإقلاع عن التدخين
التأثير على الصحة: إن للإقلاع عن التدخين آثارا صحية كبرى. فمستوى الأكسجين في الدم يرتفع، وتنمو أطراف الأعصاب التي تضررت من التدخين، مرة أخرى. وتعود حاستي الشم والتذوق، ويطرأ تحسن على عمل القلب وعمل الرئتين، كما يطرأ تحسن كبير على تدفق الدم، وقدرة معارضة الإنسولين تتوازن من جديد. وتختفي مصاعب التنفس والسعال وكأنها لم تكن. وتتقوى الأسنان من جديد، والطاقة والقدرة الجنسية تزداد ويصبح الجلد أكثر شبابا وليونة.تحسين احتمالات عدم الإصابة بالمرض في المستقبل: إن فرص الإصابة بأمراض على شاكلة أمراض القلب، السرطان، أو الإصابة بالجلطة تقل بشكل كبير، وبعد 15 عام من الإقلاع عن التدخين، فإن فرص عدم إصابة هذا الشخص بالمرض تصبه مشابهة لإنسان لم يدخن في حياته
تحسنات كبرى على الجانب العاطفي: من ناحية عاطفية، بعد الإقلاع عن التدخين، يسود الشعور بالهدوء والراحة. حين يكون الإنسان مدخنا فإنه يكون متوترا بشكل دائم. إن عز تأثير النيكوتين يكون في أثناء عملية التدخين نفسها، وبعدها يمر الجسد بحالة من الال معروف، من النقص، ومن حالة التوتر والقلق إلى أن يأتي دور السيجارة التالية. أما بعد الإقلاع فهنالك انخفاض في التوتر وقد عرف بأن من يقلعون عن التدخين هم أكثر هدوءا وسكينة بشكل كبير من المدخنين.