قال تعالى: ﴿وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾ الحجر : 19 .
من آيات الله الدالة على عظمته أنَّ الله سبحانه وتعالى خلق كلّ شيء , وجعله موزوناً , لئلاّ يطغى شيءٌ على شيءٍ , فمن أغرب ما وقع في قارة أسترالية أنّه زرع نوع من الصّبّار , كسياج وقائي لكنّ هذا النبات مضى في سبيله حتى غطّى مساحةً تزيد على مساحة بريطانيا ! وصار هذا النبات نباتاً وبائيّاً , زاحم أهل المدن والقرى , وأتلف مزارعهم , حتى إنّه حال بينهم وبين زراعة أراضيهم , إلى أن توصّل العلماء إلى حشرة لا تعيش إلا على الصّبار , هذه الحشرة استطاعت أن تضع حدّاً لانتشاره , فكأنّ كلّ شيء خلقه الله تعالى فيه طبيعة النمو العشوائيّ , خلق له مضادّاً يحول بينه وبين هذا النموّ , وهذا هو التوازن .
ووفق هذه القاعدة هناك أشياء كثيرة , فربّنا سبحانه وتعالى جعل الغدّة النخاميّة تحثّ الغدّة الدرقيّة , لكنّ هرمون الغدّة الدرقيّة يثبّط الحاثَّة النخامية الخاصّة بالغدة الدرقيّة , وبهذا يقوم التوازن بين الغدّة النخاميّة والغدّة الدرقيّة .
هناك جهاز لضبط السوائل بالجسم , قد خلقه الله موزوناً .
هناك جهاز آخر لضبط السّكر في الجسم , هناك جهاز ثالث لضبط الأملاح في الجسم , فنسب الأملاح ثابتة , وكذا نسب السّكر , ونسب الماء , ونسب الهرمونات .
هناك فيتامينات دون أن تؤخذ يصاب الإنسان بأمراض كثيرة وبيلة , سمّاها العلماء أمراض نقص التغذية , وكان بعض البحّارة يموتون في أثناء رحلتهم الطويلة دون سبب , إلى أن عرفوا أن غذاءهم تنقصه الفيتامينات .
هذا التوازن الذي حققه الله سبحانه وتعالى في الكون شيءٌ يلفت النظر , ويدعو إلى الدهشة , فالأسماك مثلاً لولا أن كبيرها لا يأكل صغيرها لطفت على مياه البحر , ولأصبح البحر بحراً من الأسماك , لا بحراً من الماء , وكذا الحشرات , فقد جعل الله تنفسها على شكل أنابيب , لا عن طريق الرئة , ولأن تنفسها عن طريق الأنابيب فلا تنمو أكثر من حجمها الذي ترونه , ولو كان لها رئتان لأصبحت بحجم كبير , ولأهلكت الإنسان , فالحشرات لها حدٌّ تقف عنده , والأسماك لها حدٌّ تقف عنده , والجسم البشري فيه حدود , وفيه مقاييس , وفيه ضوابط , وفيه موازين .
لو دقَّقتم في خلق السَّماوات والأرض لرأيتم العجب العجاب , قال سبحانه وتعالى : ﴿ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ﴾ الحجر : 19 .
فهذا النبات موزونٌ , قيمه الغذائيّةٌ موزونةٌ , حجمه موزون , نموّه موزونٌ , تكاثره موزونٌ , لولا هذا الشيء الموزون لأهلك الله الإنسان بهذا النموِّ العشوائيِّ , وما حادثة هذا النوع من الصّبّار إلا دليلٌ واضحٌ على أنّ الله تعالى قد خلق كل شيءٍ بقدرٍ .
هذه الآيات التي يسمعونها , أو التي ترونها , أو التي تقرؤونها , لا تجعلوها تمرُّ هكذا مروراً عابراً دون أن تقفوا على حقيقتها , وعلى عظمة خالقها , فالله سبحانه وتعالى يقول : ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ¤ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ آل عمران : 190_191 .
* * *
المصدر: آيات الله تعالى في الإنسان: د. محمد راتب النابلسي.
من آيات الله الدالة على عظمته أنَّ الله سبحانه وتعالى خلق كلّ شيء , وجعله موزوناً , لئلاّ يطغى شيءٌ على شيءٍ , فمن أغرب ما وقع في قارة أسترالية أنّه زرع نوع من الصّبّار , كسياج وقائي لكنّ هذا النبات مضى في سبيله حتى غطّى مساحةً تزيد على مساحة بريطانيا ! وصار هذا النبات نباتاً وبائيّاً , زاحم أهل المدن والقرى , وأتلف مزارعهم , حتى إنّه حال بينهم وبين زراعة أراضيهم , إلى أن توصّل العلماء إلى حشرة لا تعيش إلا على الصّبار , هذه الحشرة استطاعت أن تضع حدّاً لانتشاره , فكأنّ كلّ شيء خلقه الله تعالى فيه طبيعة النمو العشوائيّ , خلق له مضادّاً يحول بينه وبين هذا النموّ , وهذا هو التوازن .
ووفق هذه القاعدة هناك أشياء كثيرة , فربّنا سبحانه وتعالى جعل الغدّة النخاميّة تحثّ الغدّة الدرقيّة , لكنّ هرمون الغدّة الدرقيّة يثبّط الحاثَّة النخامية الخاصّة بالغدة الدرقيّة , وبهذا يقوم التوازن بين الغدّة النخاميّة والغدّة الدرقيّة .
هناك جهاز لضبط السوائل بالجسم , قد خلقه الله موزوناً .
هناك جهاز آخر لضبط السّكر في الجسم , هناك جهاز ثالث لضبط الأملاح في الجسم , فنسب الأملاح ثابتة , وكذا نسب السّكر , ونسب الماء , ونسب الهرمونات .
هناك فيتامينات دون أن تؤخذ يصاب الإنسان بأمراض كثيرة وبيلة , سمّاها العلماء أمراض نقص التغذية , وكان بعض البحّارة يموتون في أثناء رحلتهم الطويلة دون سبب , إلى أن عرفوا أن غذاءهم تنقصه الفيتامينات .
هذا التوازن الذي حققه الله سبحانه وتعالى في الكون شيءٌ يلفت النظر , ويدعو إلى الدهشة , فالأسماك مثلاً لولا أن كبيرها لا يأكل صغيرها لطفت على مياه البحر , ولأصبح البحر بحراً من الأسماك , لا بحراً من الماء , وكذا الحشرات , فقد جعل الله تنفسها على شكل أنابيب , لا عن طريق الرئة , ولأن تنفسها عن طريق الأنابيب فلا تنمو أكثر من حجمها الذي ترونه , ولو كان لها رئتان لأصبحت بحجم كبير , ولأهلكت الإنسان , فالحشرات لها حدٌّ تقف عنده , والأسماك لها حدٌّ تقف عنده , والجسم البشري فيه حدود , وفيه مقاييس , وفيه ضوابط , وفيه موازين .
لو دقَّقتم في خلق السَّماوات والأرض لرأيتم العجب العجاب , قال سبحانه وتعالى : ﴿ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ﴾ الحجر : 19 .
فهذا النبات موزونٌ , قيمه الغذائيّةٌ موزونةٌ , حجمه موزون , نموّه موزونٌ , تكاثره موزونٌ , لولا هذا الشيء الموزون لأهلك الله الإنسان بهذا النموِّ العشوائيِّ , وما حادثة هذا النوع من الصّبّار إلا دليلٌ واضحٌ على أنّ الله تعالى قد خلق كل شيءٍ بقدرٍ .
هذه الآيات التي يسمعونها , أو التي ترونها , أو التي تقرؤونها , لا تجعلوها تمرُّ هكذا مروراً عابراً دون أن تقفوا على حقيقتها , وعلى عظمة خالقها , فالله سبحانه وتعالى يقول : ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ¤ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ آل عمران : 190_191 .
* * *
المصدر: آيات الله تعالى في الإنسان: د. محمد راتب النابلسي.