العرب في آسيا الوسطى
هناك قبائل عربية تعيش في اسيا الوسطى منذ عدة قرون في جمهورية اوزبكستان ولاتزال محتفظه بلغتها ومعظم تقاليدها العربية وتتحدث بلهجات عربية أقربها الى اللهجة العراقية وانها تمثل احدى الاقليات في اسيا الوسطى وفي تعداد 1959 في الاتحاد السوفيتي.
وهناك عرب يسكنون منطقة قاش قارديا واخرى تسكن منطقة بخارى وتختلف الاراء في اصل الجاليات العربية هناك وقسم منهم يقولون انهم ينحدرون من العرب الذين رافقوا تيمور لنك عند عودته من حملته في الشرق الادنى
وقسم منهم يقال بانهم بقايا الحملة العربية بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي في القرن الثامن الميلادي.
وقد ذكر مندو روف الذي أجتاز بخارى سنة 1820 عن العرب الذين شاهدهم يعيشون في القرى التي تقع بعضها في ضواحي بخارى
وبعضهم من البدو الرحل وأخرون انصاف رحل وهم يتنقلون بين كارشي في اتجاه ترمذ ومعضمهم مزارعون ولهم مواش يرعونها في السهول وهم الذين يجهزون التجار بفراء الحمل المشهورة وان مجموع العرب في بخارى بحدود 50 الفاً وكتب خانيكوف عن العرب في سنة 1843 ان عددهم يزيد عن الطاجيك قليلا”
وانهم مشتتون في الاقسام الشمالية لامارة الخانات واكثرهم يتجمعون في المناطق القريبة من سمر قند وانهم يعيشون عيشة البدو الرحل وقسم منهم يسكنون القرى والمدن لتعاطيهم التجارة وان ملامحهم تنم عن اصلهم العربي كما انهم يتكلمون العربية فيما بينهم
ووصف الرحال المجري فان بيري العرب في هذه المنطقة وهو اول اوربي يجتاز صحراء قره قوم وقد اجتازها متخفيا” بزي الدراويش وقد وصل بخارى سنة 1863 بقصد دراسة المنطقة وسكانها وبين انهم يبلغون نحو 60 الفاً وهم يعيشون عيشة الحضر
وفي 1901 بين غير العرب في سمر قند 20 الف واخذت الجالية العربية في اسيا الوسطى تنال شي من الاهتمام بعد الثورة البلشفية والاطاحة بامير بخارى في نهاية سنة 1920 وارسلت اكاديمية العلوم السوفيتية الخبراء لدراسة هذه الجالية في منطقة سير دارين وسمر قند
وفي سنة 1921 وصلت البعثة الى سمر قند ودرست احوال عرب منطقتي سمر قند و قاط كورغان كما جمعت بعض المعلومات والروايات عن تاريخ ظهور العرب في اسيا الوسطى والظروف التي جاءت بهم اليها ووجدت ان كثيراً من العرب ربطوا هجرتهم من البلاد العربية باسم تيمور لنك
واعتبروا المنطقة المحيطة بمدينة كارشي المركز الاول لتوطين العرب وفي 1924 قامت الحكومة السوفيتية في تقسيم اسيا الوسطى الى مناطق ادارية جديده على اساس القوميات التي يتالف منها سكانها والفت لجنة خاصة وقامت هذه اللجنة ضمن اعمالها بدارسة عدد العرب في منطقة بخارى
وانهم منتشرون في طاجكستان وتركمان وبعد ذلك قامت الحكومة السوفيتية بدراسة العرب في الاتحاد السوفيتي وفي 1926 قام باحثان سوفيتيان بوركيان واسماعيلوف برحلة الى المناطق التي يسكنها العرب ودراسة لغتهم واشتركا في اعداد بحث عن لغة عرب قرية جوغا في منطقة بخارى
وقرية جيناو في منطقة قاشادريا في اوزبكستان
وكان اكتشاف لغة عرب اسيا الوسطى من الاحداث المهمة في تاريخ الاستعراب السوفيتي ومما يدل على اهمية هذا الاكتشاف انه اذيع في انباء خاصة في كثير من مراكز الدراسات السابقة في اوربا وفي عام 1927 قامت بعثة انثرو بولو جيه ارسلتها اكاديمية العلوم في جمهورية اوزبكستان بدراسة انثرو بولو جيه في عرب اسيا الوسطى وفي عام 1936 ارسل معهد الشؤون الشرقية التابع لاكاديمية العلوم السوفيتية بعثة الى اوزبكستان بارشاد المستشرق كراتشكو فسكي بدراسة لغة عرب اسيا وفلكلورهم واستانف عمل هذه اللجنة بطلب من معهد انثرغرافيا وقد ركزت هذه البعثة اهتمامها بالعرب الذين احتفضوا بلغتهم الاصلية ونجحت عمليات الاحصاء التي اجريت في كل عائلة تتكلم العربية في اوزبكستان وبعض المواد اللغوية والفلكلورية لتثبت بعض الخصائص العربية
وتطور التنظيم الاقتصادي لحقوقهم وكيانهم الاجتماعي والعائلي وقد اهتم قسم من المستشرقين بدراسة احوال العرب منهم اسحاق بينيكوف وتسير بكري استاذ في اللغات السامية في جامعة تبليسي وقدما موضوعات في دراساتهم الاكاديمية ودرسا بعض المقالات
والابحاث عن هذا الموضوع تضمنت نتائج الدراسات التي قاما بها شخصيا” في مناطق توطين العرب في اسيا الوسطى ووضع معاجم كبيره للهجات اسيا الوسطى العربية وقضى هذان الباحثان 22 سنة كان من نتيجتها كتابا ضخماً في اربع مجلدات الى جانب ابحاث ودراسات مهمة.
وهناك دراسات متفرقة اخرى اهمها دراسة المستشرق يوشمانوف المعنونة اللهجة العربية في الشرق السوفيتي وان ما يؤسف له ان هذه الدراسات لم تترجم الى اللغة العربية لكي يطلع عليها ابناء الوطن العربي وان هذه الدراسات تشمل مواطن العرب وتاريخ هجرتهم ومدى احتفاظهم بلغتهم وتقاليدهم
ودراسة لهجتهم وفلكلورهم ومن حيث العدد فانهم من بين 20 الفاً و 40 الفاً وفي سنة 1926 بموجب احصاء رسمي كان عددهم حوالي 29 الف نسمة وان الاختلاف في عددهم يرجع الى ان قسما من عمليات الاحصاء كانت تتم بالاحصاء الفردي في حين ان قسم من المعلومات كانت تؤخذ من مختاري المناطق والقرى وهذه الطريقة غير دقيقة كما ان هناك ظروف اخرى جعلت اكثر العرب يفضلون اخفاء قوميتهم يتضاهرون باحدى القوميتين الازبكية او التاجكية وهذه الاسباب هي ان عرب أسيا الوسطى في العهد القيصري كاقلية قومية مستضعفه كانوا يعانون اضطهادا مزدوجا ” من الحكومة القيصرية ومن امراء خانات بخارى وفضلا” عن نظام الضرائب الذي كان يطبق على سكان بخارى جميعا” ويثقل كواهلهم هناك ضرائب اضافية تفرض على العرب وحدهم وهذه الضرائب على نوعين ضريبة نقدية مباشرة تسمى عرب بولي اي نقود العرب وضريبة الراوس التي كانت تتحتم على العرب ان يقدموا عددا” من الرجال حسب نسبة معينة من عددهم فيمتلك رقابهم ويكونون تحت تصرفه ويجندون في جيشه وحمل ذلك كثيرا” من العرب على اخفاء قوميتهم وتغيير لغتهم والتظاهر باحدى القوميات وهجر القرى الى اماكن اخرى فيكيفون لغتهم ومعيشتهم حسب البيئة الجديدة وادى ذلك الى الانصهار التدريجي وضياع معالمهم القومية ويرى فيناكوف ان حوالي 95 بالمئة من عرب اسيا الوسطى انقرضوا قبل ثورة اكتوبر ولم يكن الاستفسار الفردي على الرغم من افضليته من حيث المبدا ناجحة لمعرفة العدد الحقيقي للعرب القاطنين في تلك المناطق وان اكثرهم كانوا متاثرين بالمخاوف القديمة وبين الاستاذ كيكاخوف العدد الحقيـــــــــقي في اسيا الوسطى في العـشرينيات لم يقـــــــــــــل عن 50 الفاً في احصاء 1939 21,739 انخفض في احصاء 1959 الى 8000 نسمة وقد بين المستشرق الفرنسي بينك سن وهو اكبر الخبراء في شؤون اسيا الوسطى ان نسبة الذين كانوا يستعملون اللغة العربية للتخاطب فيما بينهم سنة 1959 كانت 35 بالمئة منهم 3850 شخص بينما ذكر تسير بتلي في بحث القاه في المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1956 انه يعيش في الوقت الحاضر في مقاطعتي بخارى وقاشقادريا اكثر من 5000 عربي يتكلمون العربية وتفيد التحقيقات ان اكثر عرب اسيا الوسطى ينتمون الى احدى قبيلتي بني سنان وبني شيبان وان هذه القبائل انتقلت من افغانستان وان قبيلة بني شيبان انتقلت من افغانستان قبل نحو200 سنة وان قبائل بني سنان انتقلت قبل ذلك وان اكثر الاساطير والروايات تربط خروج عرب اسيا بحملة تيمور لنك وان هذه الهجرات في فترة عاصرت تيمور لانك او بعده بفترة قصيرة في سنة 1405 لان لو كانت هجرة العرب قبل ذلك التاريخ
لما بقيت تلك المجموعات محتفظة الى ذلك الحد بلغتها وملامح ثقافتها وصفاتها القومية وانها في بيئة غريبة ومحاطة بقوميات اكبر منها عددا” تختلف عنها بلغاتها وعاداتها ويدعم ذلك تناقص اعدادهم في الاحصاء الاخير وان بعض القرى في منطقة بخارى تحتفظ باسماء عربية مثل عرب خانة عرب بليار عرب قشلاق عرب مزار وما اشبه ذلك في المناطق الاهله في السكان من جمهورية اوزبكستان وهناك حوالي 80 قرية حمل هذه الاسماء وان كل قبيلة من هذه القبائل لها مقابرها الخاصة
فبني سنان لهم مقبره في قرية جاخداراي وعرب بني شيبان لهم مقبرة في كاسبي وان هاتين القبيلتين احتفضت باسمهما القبلي وورثت عصبيتهما العربية القبيلة كذلك عاداتهم وتقاليدهم وقل زواجهم من الجاليات الاخرى وان الباحثين يرون ان لهجات العرب
في هذه المنطقة قريبة الى اللهجة العراقية وكان اول من استخلص ذلك العالم السويدي ميو برغ سنة 1930 وبين انهم لهم لهجة عربية حية قريبة الى اللهجة العراقية كذلك العالم يوشمانوف في 1935 وانها تظهر لها في بعض نواحيها صلة باللهجة العراقية وفي لهجة البدو ولا شك ان العرب في اسيا الوسطى والاتحاد السوفيتي سابقا” ينصهرون في القوميات الكبيرة المحيطه بهم وخاصة الاوزبكية وان استعمال اللغة العربية فيما بينهم يختفي بسرعة كبيرة بسبب اندماجهم وتكلمهم باحدى اللغتين الاوزبكية او التاجيكية
وقد درس المستشرقون السوفيت ما يمكن القيام به من اجل تحقيق شي من التنمية الثقافية للعرب في اوزبكستان او الاستفادة منهم لغرض او انشاء مقاطعة خاصة بهم فوجدوا ان ذلك يتعذر او تقوم دونه صعوبات عملية كبيرة بسبب تشتت المجموعات العربية وقلة عددها فصرفوا النظر عن هذا الموضوع .