لعلّي لا أبالغ إن قلت إن العمل الدرامي الوحيد الذي أجدني مستعدة لمتابعته أكثر من مرة وكلما عُرض على قناة تلفزيونية هو (التغريبة الفلسطينية) للمؤلف البارع وليد سيف، عُرض العمل أول مرة على قناة (MBC) قبل ستة عشر عاما، ويُعرض هذا العام على قناة (فلسطيني)، ولعلها فرصة لنرصد كيف تغيّر الحال جذرياً لدى فضائيات الإعلام العربي الشهيرة خلال هذه السنوات حتى صارت بوابة للترويج للتطبيع مع الكيان الصهيوني عبر ما تقدمه من أعمال درامية، وصار إنصاف فلسطين من المحرمات في عرفها (الفني)، وبطبيعة الحال ليس لنا أن نتخيل عملاً كهذا سيكون قادراً على إبصار النور على محطة (MBC) حاليا!
في تجسيدها لسيرة النكبة والتهجير الذي تعرض له الشعب الفلسطيني عام 1948 لم تسجل التغريبة مشاهد الألم والحسرة وحسب، رغم أنها برعت في تصوير هذا الجانب، إنما ظلت إرادة المقاومة ماثلة في عرضها كل تفاصيل تلك المرحلة صراحةً أو رمزا، وظل هنالك ما يعزز ضرورة الانبعاث من جديد، بالتزامن مع تنامي الوعي بحقيقة المؤامرة التي طالت فلسطين، ودور النظام الرسمي العربي في تسهيل احتلالها.
إن عملاً درامياً كهذا، بواقعيته ومثاليته، وببساطته وعمقه، وبإيجازه وتفصيله أحداثاً عديدة، وبالعِبر التي ينثرها والعَبرات التي يستحثّها، سيظل قادراً على نقل من يشاهده إلى تلك الفترة المؤلمة من تاريخ فلسطين، وكأنه قد عاشها واقعا، وسيظل متكفلاً بشحنه بجرعات من الإرادة ومعاني البطولة حتى وهو يوثّق ضياع فلسطين وتهجير أهلها، وحتى وهو يروي بسلاسة وواقعية تفاصيل حياة اللجوء بكل صعوباتها وتعقيداتها وتحدياتها وتناقضاتها.
بعد كل هذه الأعوام على إنتاجه يظل هذا العمل الفريد مستحقاً الاحتفاء لأنه يجدد فينا المعاني الأصيلة للقضية الفلسطينية، ويجعلنا في مواجهة مع أصلها وجوهرها، ومع الأسئلة الكبرى التي صاغها ضياعُها، ثم واجب تحريرها، هذه القضية في عمقها هي قضية وطن مغتصب وشعب مهجّر ومقدسات مسلوبة، هي قضية صراع وجودي جذري مع هذا الاحتلال، هي قضية تحرير لا يجوز أن تنازعها أولوية أخرى، وهي قضية إرادة ينبغي ألا تُهزم في النفوس، حتى وهي تَعبر إلى مراحل أشدّ قتامة من سابقاتها.
ومع ذكرى نكبة فلسطين كلّ عام لا بدّ أن تتأصل المعاني الجوهرية لقضية فلسطين في وعي وقلب كل فلسطيني، وكل حرّ استلهم من هذه القضية أجلّ معانيها، وجعلها بوصلةً لقضيته الخاصة، وأهمها التمرد على الهزيمة وعدم التسليم بها، فالهزيمة التي حدثت على الأرض لا يجوز أن تغزو النفوس فتكبّل الإرادة وتشكك في جدوى فعل المواجهة وتستثقل ضريبته، حتى لو كان الفعل حَجَراً في يعبد أعاد مؤخراً للذاكرة ألقها، وللصراع تعريفه، وللقسام الأول على أرضها ذكره وعطر سيرته.
وهكذا هي النكبة في عين التغريبة، وفي عين من يعيش ذكراها كلّ عام؛ حدث يطلّ بأصله وأسئلته الكبرى التي يعيد منذ اثنين وسبعين عاماً صياغتها، ووحدهم القادرون على اجتراح فعل من العدم وفي ظل المستحيلات، من يملكون مفاتيح الإجابة عليها، ومفاتيح العودة التي ما اعتراها الصدأ.
في تجسيدها لسيرة النكبة والتهجير الذي تعرض له الشعب الفلسطيني عام 1948 لم تسجل التغريبة مشاهد الألم والحسرة وحسب، رغم أنها برعت في تصوير هذا الجانب، إنما ظلت إرادة المقاومة ماثلة في عرضها كل تفاصيل تلك المرحلة صراحةً أو رمزا، وظل هنالك ما يعزز ضرورة الانبعاث من جديد، بالتزامن مع تنامي الوعي بحقيقة المؤامرة التي طالت فلسطين، ودور النظام الرسمي العربي في تسهيل احتلالها.
إن عملاً درامياً كهذا، بواقعيته ومثاليته، وببساطته وعمقه، وبإيجازه وتفصيله أحداثاً عديدة، وبالعِبر التي ينثرها والعَبرات التي يستحثّها، سيظل قادراً على نقل من يشاهده إلى تلك الفترة المؤلمة من تاريخ فلسطين، وكأنه قد عاشها واقعا، وسيظل متكفلاً بشحنه بجرعات من الإرادة ومعاني البطولة حتى وهو يوثّق ضياع فلسطين وتهجير أهلها، وحتى وهو يروي بسلاسة وواقعية تفاصيل حياة اللجوء بكل صعوباتها وتعقيداتها وتحدياتها وتناقضاتها.
بعد كل هذه الأعوام على إنتاجه يظل هذا العمل الفريد مستحقاً الاحتفاء لأنه يجدد فينا المعاني الأصيلة للقضية الفلسطينية، ويجعلنا في مواجهة مع أصلها وجوهرها، ومع الأسئلة الكبرى التي صاغها ضياعُها، ثم واجب تحريرها، هذه القضية في عمقها هي قضية وطن مغتصب وشعب مهجّر ومقدسات مسلوبة، هي قضية صراع وجودي جذري مع هذا الاحتلال، هي قضية تحرير لا يجوز أن تنازعها أولوية أخرى، وهي قضية إرادة ينبغي ألا تُهزم في النفوس، حتى وهي تَعبر إلى مراحل أشدّ قتامة من سابقاتها.
ومع ذكرى نكبة فلسطين كلّ عام لا بدّ أن تتأصل المعاني الجوهرية لقضية فلسطين في وعي وقلب كل فلسطيني، وكل حرّ استلهم من هذه القضية أجلّ معانيها، وجعلها بوصلةً لقضيته الخاصة، وأهمها التمرد على الهزيمة وعدم التسليم بها، فالهزيمة التي حدثت على الأرض لا يجوز أن تغزو النفوس فتكبّل الإرادة وتشكك في جدوى فعل المواجهة وتستثقل ضريبته، حتى لو كان الفعل حَجَراً في يعبد أعاد مؤخراً للذاكرة ألقها، وللصراع تعريفه، وللقسام الأول على أرضها ذكره وعطر سيرته.
وهكذا هي النكبة في عين التغريبة، وفي عين من يعيش ذكراها كلّ عام؛ حدث يطلّ بأصله وأسئلته الكبرى التي يعيد منذ اثنين وسبعين عاماً صياغتها، ووحدهم القادرون على اجتراح فعل من العدم وفي ظل المستحيلات، من يملكون مفاتيح الإجابة عليها، ومفاتيح العودة التي ما اعتراها الصدأ.